يعيش الاقتصاد العالمي درجة كبيرة من عدم اليقين، مع السياسات الحمائية الأمريكية، التي أطلقت حروبًا تجارية، وحتى إن تم التوصل لحلول مؤقتة لبعضها بشكل أو بآخر، إلا أنه كما قال "راي داليو" مدير "بريدجووتر"، وهو أكبر صندوق تحوط في العالم، فيما يتعلق بما يحدث واقعيًا فإن قواعد التجارة، بل والقواعد المالية والخاصة بالسياسات النقدية تخضع لإعادة "سك" بشكل كامل.
ومع تغيير بهذا الحجم، من الطبيعي أن تشهد الأسواق العالمية للأسهم، والاستثمارات في الكثير من المجالات، تقلبات عنيفة، لسببين الأول هو التناقض الكبير في الأخبار، وسيادة شراء الأمل وبيع الذعر في أوقات كثيرة، والثاني ما تمثله هذه الفترات من فرصة لبعض القوى الكبيرة في الأسواق لاستغلال المضاربة لحصد أموال كبيرة، وهو ما ظهر في سوق الأسهم بشكل خاص وبقية الأصول بشكل عام.
"بافيت" في الأزمة المالية العالمية
وهنا يجب أن نسترجع كيف تصرف كبار المتداولين إبان الأزمات السابقة، حيث يقال عن حق إن التاريخ هو مدرسة يتعلم منها العاقلون كيف يتصرفون في الحاضر.
في ذروة الأزمة المالية العالمية استثمر وارين بافيت 5 مليارات دولار في جولدمان ساكس عبر أسهم ممتازة تدفع عائدًا سنويًا بنسبة 10%، مع خيار لشراء أسهم عادية بقيمة 5 مليارات أخرى بسعر 115 دولارًا للسهم.
ويمكن القول إن هذه كانت صفقة ممتازة للطرفين، فمن ناحية "بافيت" كانت صفقة تضمن له عائدًا ثابتًا على أمواله من جهة، ورهانًا على بنك قوي للغاية لكنه تأثر بسبب الأزمة المالية العالمية التي ألحقت ضررًا بالغًا بقطاع البنوك حينها، وبالفعل حقق بافيت أرباحًا اقتربت من 4 مليارات دولار خلال 3 سنوات فقط من هذه الصفقة.
أما البنك نفسه فقد كان مستفيدًا من شقين الأول في الحصول على سيولة من "بافيت"، والثاني هو الضغوط الشديدة التي عاناها البنك، مع غيره من المؤسسات المالية، بسبب الأزمة العالمية، ولا شك أن إبداء مستثمر مثل "بافيت" للثقة في البنك ساعده على تجاوز الأزمة بشكل أسرع من غيره.
وقتها اعتبر بافيت أن البنوك الكبرى ذات الإدارة الجيدة ستنجو من الأزمة، ولذلك وسّع استثماراته في بعض البنوك المنتقاة، والتي يبدو أن الأساس في اختيارها كان الثقة في تحصيلها لديونها لدى المستثمرين، ونسبة الاستثمارات الخطرة، وبالتالي فإن شراء أسهم في شركات متعثرة ولكنها تمتلك أصولًا قوية في وقت الأزمات الاقتصادية وسيلة جيدة لتحقيق الأرباح، شريطة الدراسة الجيدة قبل اتخاذ قرار الشراء.
في ذروة الأزمة المالية العالمية استثمر وارين بافيت 5 مليارات دولار في جولدمان ساكس عبر أسهم ممتازة تدفع عائدًا سنويًا بنسبة 10%، مع خيار لشراء أسهم عادية بقيمة 5 مليارات أخرى بسعر 115 دولارًا للسهم.
ويمكن القول إن هذه كانت صفقة ممتازة للطرفين، فمن ناحية "بافيت" كانت صفقة تضمن له عائدًا ثابتًا على أمواله من جهة، ورهانًا على بنك قوي للغاية لكنه تأثر بسبب الأزمة المالية العالمية التي ألحقت ضررًا بالغًا بقطاع البنوك حينها، وبالفعل حقق بافيت أرباحًا اقتربت من 4 مليارات دولار خلال 3 سنوات فقط من هذه الصفقة.
أما البنك نفسه فقد كان مستفيدًا من شقين الأول في الحصول على سيولة من "بافيت"، والثاني هو الضغوط الشديدة التي عاناها البنك، مع غيره من المؤسسات المالية، بسبب الأزمة العالمية، ولا شك أن إبداء مستثمر مثل "بافيت" للثقة في البنك ساعده على تجاوز الأزمة بشكل أسرع من غيره.
وقتها اعتبر بافيت أن البنوك الكبرى ذات الإدارة الجيدة ستنجو من الأزمة، ولذلك وسّع استثماراته في بعض البنوك المنتقاة، والتي يبدو أن الأساس في اختيارها كان الثقة في تحصيلها لديونها لدى المستثمرين، ونسبة الاستثمارات الخطرة، وبالتالي فإن شراء أسهم في شركات متعثرة ولكنها تمتلك أصولًا قوية في وقت الأزمات الاقتصادية وسيلة جيدة لتحقيق الأرباح، شريطة الدراسة الجيدة قبل اتخاذ قرار الشراء.
وبنسبة متوسطة سجل "إيكان" ربحية تتراوح بين 15-30% إبان الأزمة المالية العالمية، ليؤكد إمكانية تحقيق أرباح بينما يعاني السوق، حتى أنه أشترى أسهمًا في قطاع البنوك بشكل سريع فور إقرار برامج الإنقاذ من حيث المبدأ، لعلمه أن هذا يؤكد ان الاتجاه سيكون لاحقًا للصعود وليس للتراجع، وهو ما حدث بالفعل للعديد من البنوك التي ارتفعت قيمة أسهمها سريعًا مع برامج الإنقاذ الحكومي.
لماذا ارتفعت بعض الأسهم دون غيرها؟
وبعيدًا عن طريقة تصرف المستثمرين يثار التساؤل أيضًا عن أي الأسهم ارتفعت إبان الأزمة المالية العالمية؟
فهناك بعض الأسهم التي ارتفعت قيمتها بشكل كبير إبان الأزمة المالية العالمية، والأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال لم يكن سعر سهم "نتفليكس" يتخطى 2.5 دولار في بداية الأزمة المالية عام 2007 ولكنه استمر في الارتفاع، على الرغم من الانخفاض الحاد في السوق، ليصل نهاية 2009 إلى 7.5 دولار للسهم بما أثر تساؤلًا عن سبب هذا الارتفاع.
وكان ارتفاع السهم بسبب تغير واسع في توجهات الأمريكيين والأوروبيين بالانتقال من المشاهدة عبر "الكابل" إلى النموذج الذي قدمته "نتفليكس" بالمشاهدة تحت الطلب، وما دعمها في ذلك وقتها استقرار خدمات الإنترنت ونمو سرعاته في غالبية أمريكا وأوروبا، وما يمكن استنتاجه هنا أنه حتى مع أزمات مالية طاحنة يمكن الاستفادة من تغير هيكلي في السوق لشراء أسهم تمتلك إمكانية الارتفاع.
وبإسقاط الأمر على الوضع حاليًا، فإنه يمكن البحث في شركات الذكاء الاصطناعي الصغيرة وليست الكبيرة، التي تعمل في مجال يحظى بفرص كبيرة للنمو مع تكلفة قليلة نسبيًا في ظل التوجه الواضح لخفض التكلفة في المجال ومعاناة كبار الشركات، ولكن مع ملاحظة أن هذا الاستثمار يعتبر "مغامرة" لأنه يعتمد على تقدير اتجاهات المستهلك في المستقبل وتفضيلاته بينما لا يزال الذكاء الاصطناعي في مرحلة تكوين.
كما ارتفعت أسعار أسهم شركات التعدين بشكل لافت إبان الأزمة المالية العالمية أيضا، ووصلت في بعض الشركات إلى نسبة 150% خلال 3 أعوام، لا سيما الشركات التي تنشط في مجال استخراج الذهب، الذي ارتفعت قيمته بشكل لافت مع اللجوء إليه كمخزن آمن للقيمة، بما اعتبر استثماراً غير مباشر في الذهب بشكل أو بآخر.
كما انتعشت بعض الشركات بشكل منفصل، مثل "أمازون"، لنمو ظاهرة التجارة الإلكترونية بشكل لافت حينها، ومثل "جونسون أند جونسون"، لنمو وثبات مبيعاتها، وعدد آخر من الشركات التي غردت خارج سرب الأسهم المتراجع.
وارتفع الذهب بطبيعة الحال، مثلما يحدث حاليًا، ولكن مع الأزمات يجب تلافي الأصول "الغامضة" أو شديدة المخاطرة، مثل "البيتكوين" حيث تزداد فرصة حائزي العملة المشفرة على استغلال هبوط السوق وصعوده، لا سيما مع معاناة السوق من اختلال هيكلي كبير، يتمثل في أن 1% من العناوين الإلكترونية تستحوذ على 99% من عملات "بيتكوين" المتاحة في السوق، بما يدلل على حالة احتكار شديدة.
والشاهد مما سبق من تصرفات "بافيت" و"إيكان" والأسهم التي ارتفعت إبان الأزمة المالية العالمية، أنه يمكن للمستثمر تحقيق الأرباح في الأزمات، بشرط الاختيار الدقيق للغاية للأسهم أو الأصول التي يضخ فيها أمواله، مع ضرورة الإبقاء على قدر جيد من السيولة "الكاش"، لاستغلال الفرص الممكنة، مع التمتع بقدر كبير جدًا من ضبط النفس لأنه كما قيل فإن الأزمات المالية لا تختبر عقل المستثمر ولكن أعصابه.
المصدر: argaam