تواجه موجة البيع الناجمة عن الرسوم الجمركية في سوق الأسهم الأميركية مصدر قلق آخر، وهو نمط "تقاطع الموت". يوم الاثنين، أضاء مؤشر الموت لستاندرد آند بورز 500 (SP500) بالأحمر، لأول مرة منذ مارس 2022، وهي الفترة التي شهدت انخفاض المؤشر بنحو 25% عن أعلى مستوياته.
وتقاطع الموت مؤشر فني يحظى بمراقبة دقيقة من الأسواق، وقد سجل انخفاض متوسط الحركة الأقصر أجلاً للمؤشر لمدة 50 يوماً إلى ما دون متوسط المتحرك الأطول أجلاً لمدة 200 يوم. وعادة ما يُنظر إلى هذا التقاطع على أنه إشارة هبوطية، لأنه يعكس ضعفاً قصير الأمد يتفوق على الزخم طويل الأمد.
واعتباراً من يوم الثلاثاء، يُتداول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عند 5,424 نقطة، وهو أقل بنسبة 8% منذ بداية العام. في الوقت نفسه، يحوم المتوسط المتحرك للمؤشر لخمسين يوماً عند 5,736، بينما يستقر المتوسط المتحرك لمئتي يوم عند 5,753.
ما هو تقاطع الموت؟
يحدث تقاطع الموت عندما ينخفض المتوسط المتحرك لخمسين يوماً (DMA)، الذي يعتبره الفنيون مؤشراً على الاتجاه متوسط الأجل، إلى ما دون المتوسط المتحرك لـ 200 يوم، وهو مؤشر على الاتجاه طويل الأجل. يرى المحللون الفنيون أن هذا يشير إلى نقطة قد يتحول فيها التصحيح قصير الأجل إلى اتجاه هبوطي طويل الأجل.
وبطريقة مبسطة، هو مصطلح يستخدمه المحللون الفنيون للتحدث عن إشارة سلبية في السوق، وهو يعني إمكانية حصول هبوط قادم بأسعار الأسهم.
ويتعلق هذا المؤشر بمعدل الحركة المتوسط (Moving Average)، وهما نوعان: المتوسط قصير الأجل: مثلاً متوسط سعر السهم خلال آخر 50 يوماً. المتوسط طويل الأجل: مثلاً متوسط سعر السهم خلال آخر 200 يوم. وتقاطع الموت هو عندما يصبح المتوسط قصير الأجل (50 يوماً) ما دون المتوسط طويل الأجل (200 يوم).
وعندما يتقاطع المتوسط المتحرك لـ50 يومًا فوق أو تحت المتوسط المتحرك لـ200 يوم، فقد يشير ذلك إلى نقاط تحول قبل القوة أو الضعف. وعندما يكون الأخير، يُطلق عليه المحللون الفنيون اسم "تقاطع الموت".
والاسم درامي قليلاً، ولكنه يشير إلى إمكانية تراجع قوي أو أزمة محتملة بالسوق، ويُستخدَم في مؤشرات كبيرة مثل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500)، ومؤشر داو جونز، أو حتى في أسهم شركات محددة مثل سهم آبل أو تسلا. وتقاطع الموت لا يعني هبوطاً أكيداً، بل "إشارة تحذير" أو علامة على أن الوضع في السوق أصبح ضعيفاً، ويمكن أن يستمر في مسار الهبوط.
وقال آدم تورنكويست، كبير الاستراتيجيين الفنيين في شركة إل بي إل فاينانشال: "إنها إشارة تبدو مشؤومة للغاية في أسواق الأسهم، ولكن عندما تختبر فعلياً تقاطع الموت عبر التاريخ، فمن الأفضل أن تكون مشترياً بدلاً من بائع على تقاطع الموت".
تاريخ تقاطع الموت
بالنظر إلى ما يقرب من 50 عاماً، شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ما مجموعه 24 تقاطعاً مميتاً. وفي 54% من الحالات، حدث التقاطع المميت بعد نقطة أقصى انخفاض يومي للمؤشر، وفقاً لتحليل أجرته رويترز لبيانات بورصة لندن للأوراق المالية، ما يعني أن أسوأ مراحل التراجع قد حدثت بالفعل قبل التقاطع المميت. وفي 46% من الحالات، تفاقمت عمليات البيع، حيث سجل المؤشر القياسي انخفاضاً متوسطاً من نقطة تقاطع الموت بنسبة 19%.
سُجِّلت حالات خسائر فادحة عقب تقاطع الموت أيضاً. فبعد تقاطعات الموت في أعوام 1981 و2000 و2007، بلغت الانخفاضات النهائية لعمليات البيع اللاحقة 21% و45% و55% على التوالي. وقال بول سيانا، الخبير الاستراتيجي الفني في بنك أوف أميركا، في مذكرة تحليلية لبيانات تعود إلى ما يقرب من 100 عام، إن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفض بنسبة 52% من الوقت بعد 20 يوماً من وقوع تقاطع الموت، مع خسارة متوسطة بلغت 0.5%. لكن بعد 30 يوماً من الإشارة، كان المؤشر أعلى بنسبة 60% من الوقت، مع مكسب متوسط بلغ 0.8%، وفقاً لما ذكرته شركة سيانا في مذكرة يوم الاثنين.
وقال تورنكويست: "لقد شهدنا علامات استسلام كبيرة خلال الأسبوع الماضي في السوق الأوسع. بالنسبة إلي، بالنظر إلى الرسوم البيانية، فإن هذا أقرب إلى التعافي المحتمل على شكل حرف V الذي حدث في عامي 2018 و2020، وليس مؤشراً على استمرار الهبوط طويلاً".
ولكن في تحليل آخر، بعد تقاطع الموت في عام 2020، شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انتعاشاً حاداً في سوق الأسهم. مع ذلك، من غير المرجح أن تتبنى الحكومة تحفيزاً نقدياً ومالياً ضخماً كما فعلت في عام 2020. فعبء الدين أعلى بكثير اليوم، والاحتياطي الفيدرالي متردد في خفض أسعار الفائدة، نظراً لأن الرسوم الجمركية زادت من عدم اليقين بشأن التضخم.
وعلى نحو مماثل، حدث تعافٍ على شكل حرف "V" بعد تقاطع الموت في عام 2018، ولكن مرة أخرى، حظيت الأسهم بدعم من تحول بنك الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة في عام 2018 إلى خفضها في أوائل عام 2019. وهكذا، ففيما قد تصب الاحتمالات في مصلحة ارتفاع الأسعار بعد عام واحد، فإن السجل على المدى الأقصر ليس مطمئناً إلى حد كبير، وخصوصاً في ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي المتزايدة.
المصدر: alaraby