قفز سعر عملة بيتكوين إلى مستوى 87,700 دولار ليبلغ أعلى مستوى له منذ مطلع أبريل، مدفوع بتدهور مؤشر الدولار الأمريكي وتزايد التوتر السياسي في الولايات المتحدة، بعد تلميحات بعزل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. هذا الاضطراب دفع المستثمرين إلى التوجّه نحو الأصول التي تُعدّ ملاذًا آمنًا، مثل الذهب و بيتكوين.
فهل نحن أمام بداية دورة صعودية جديدة للبيتكوين و معه سوق العملات الرقمية؟
ارتفاع السيولة في الأسواق العالمية و الطلب المؤسسي
تاريخيًا، كانت عملة بيتكوين تُعدّ مؤشرًا متقدّمًا لتحوّلات السيولة العالمية، وها هي اليوم تستعيد عافيتها مدفوعة بزيادة المعروض النقدي من الفئة M2 عبر الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين. والتي بلغت وفق بيانات "MacroMicro" نحو 90.2 تريليون دولار بين ديسمبر وفبراير.
هذه الزيادة في السيولة تعني ببساطة وفرة في رؤوس الأموال الباحثة عن ملاذات بديلة، ما يعزز من جاذبية الأصول غير التقليدية مثل بيتكوين.
زيادة المعروض النقدي من الفئة M2 – التي تشمل النقود الورقية والودائع قصيرة الأجل – تعني توفر سيولة أكبر في الأسواق. ما يدفع المستثمرين للبحث عن أصول تحفظ قيمتها وتوفر عائدًا أعلى، خاصة في ظل ضعف الدولار أو الفوائد المنخفضة. في هذا السياق، يُنظر إلى بيتكوين كأصل بديل وملاذ آمن، ما يعزّز الطلب عليها ويرفع سعرها.
وفي سياق متّصل، أعلنت شركة Strategy، التي كان يُطلق عليها سابقًا اسم مايكروستراتيجي MicroStrategy، عن استحواذها على 3,459 وحدة بيتكوين خلال شهر أبريل. رغم تكبّدها خسائر دفترية تجاوزت 5.91 مليار دولار في الربع الأول من العام.
غير أن مؤسسها مايكل سايلور، جدد ثقته في بيتكوين عبر منصة تويتر، مشيرًا إلى أن هذه العملة الرقمية "لا تحمل مخاطر الطرف المقابل، ولا تخضع لأي شركة أو دولة أو عملة أو ثقافة، حتى الفوضى لا تُضعفها".
من جهة أخرى، سجّلت صناديق ETF بيتكوين الفورية في السوق الأمريكية تدفّقات إيجابية في الأسبوع الماضي. في مؤشر يُفهم منه تنامي ثقة المؤسسات المالية مجددًا في سوق بيتكوين. بعد فترة من التحفّظ الذي ساد بين فبراير ومارس.
رغم ارتفاع البيتكوين: محلّلون يحذرون من المبالغة في التفاؤل
فقد صرّح بيتر تشونغ، رئيس الأبحاث في "Presto Research"، أن مفاوضات الرسوم الجمركية التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع شركاء تجاريين رئيسيين ما تزال مفتوحة ما يُبقي الأسواق عرضة للتقلبات.
وأضاف أن مؤشرات العائد على السندات الأمريكية لعشر سنوات وارتفاع العوائد عموماً. فضلًا عن ضعف مؤشر الدولار، كلها إشارات على استمرار حالة الترقب.
لكن بالمقابل، يرى دومينيك جون، المحلّل في "Kronos Research"، أن بيتكوين تمكّنت خلال شهر أبريل من التفوّق على مؤشرات الأسهم الكبرى مثل S&P وNasdaq، وحتى على عمالقة التكنولوجيا في مجموعة "السبعة الكبار".
وهو يعتبر أن تثبيت أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيكون عاملًا حاسمًا لتحوّل هذا الانتعاش المؤقت إلى دورة صعودية مكتملة.
يرى محلّل العملات الرقمية المعروف باسم "دكتور بروفيت Doctor Profit" أن بيتكوين تتحرك حاليًا في منطقة حرجة بين مستويين مهمّين: الأول يُعرف بـ"الخط الذهبي" عند 77,000 دولار، والثاني يُسمّى "خط المطرقة" عند مقاومة قوية بلغت نحو 85,200 دولار.
الرسم البياني لسعر البيتكوين BTC
هذه المنطقة تُعدّ مجالًا للتذبذب، يصعب فيه تحديد الاتجاه بدقّة، ما يجعل القرار بالتداول فيها محفوفًا بالمخاطر.
ورغم أن السعر انخفض سابقًا إلى مستوى 74,000 دولار في حركة تصحيحية. فإن استقراره فوق الخط الذهبي يُشير إلى احتمال استمرار الاتجاه الصاعد.لكن إذا استطاعت بيتكوين اختراق خط المطرقة، فقد يمهّد ذلك لصعود قوي نحو مستويات جديدة غير مسبوقة.
مع ذلك، يحذّر المحلّل من دخول السوق بين هذين المستويين دون خطة واضحة. ويصف هذه المنطقة بأنها "منطقة خطرة"، حيث تكثر الانعكاسات المفاجئة ويزداد احتمال الخسارة.
تجدر الإشارة إلى أن الاجتماع المقبل للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) سيُعقد في 6 و7 مايو. فيما تشير بيانات أداة CME FedWatch إلى احتمال نسبته 12.4% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في هذا الاجتماع.
في المحصلة، يبقى الغموض السياسي والمصير المرتقب للسياسات الجمركية حجر الأساس في تحديد اتجاه السوق. فإن استقرت هذه المعطيات، فقد يكون ما نراه اليوم هو الشرارة الأولى لانطلاقة جديدة لسوق العملات الرقمية.
المصدر: beincrypto